ما هي «صفحات الصباح»؟ وما فوائدها؟


  يقول الكاتب الأرجنتيني "خورخي لويس بورخيس": "الكتابة ليست إلا حلماً موجهًا"، فمنذ الأزل كان الفرد البشري يُعبّر عما يُريد بواسطة الكلمات، وتطورت البشرية وتكونت المجتمعات المختلفة، فظهرت الفنون المتنوعة والمتعلقة بالكتابة، كالشعر والنثر والرواية والنصوص المسرحية والسينمائية وغيرها. مؤخراً يؤكد علماء النفس أهمية الكتابة كوسيلة علاجية؛ إذ تُساهم في تحسين صحة الفرد النفسية والجسدية، وذلك بعد تجرِبة أجراها عالم النفس "جيمس بيكر" عام 1986م، على مجموعة من الطلاب، وخلُصت بنتائج إيجابية، وظهرت بعد ذلك العديد من التقنيات والأساليب المتعلقة بالكتابة؛ إحداها ما عُرفت باسم "صفحات الصباح".

التقت "سيدتي" بمدربة الوعي الذاتي "نوف حكيم"؛ لتُخبرنا عن ماهية هذا النوع من الكتابة، وما الفوائد التي قد يجنيها من يزاولها، فذكرت الآتي:

"قبل خمس سنوات، كنت أبحث عبر محرك البحث "جوجل"، عن طريقة تمنع الفرد من التوتر والقلق بعد الاستيقاظ من النوم، والذي قد يستمر معه طوال اليوم، فوجدت أحد الحلول المعروضة التي تحث على أنّ يكون للفرد روتين صباحي، ووجدت أنواعاً مختلفة من الروتين الصباحي، وشاهدت آنذاك مقطع فيديو لإحداهنّ ذكرت فيه أنّها تقوم بكتابة صفحات الصباح والتأمل وممارسة الرياضة، ثم تبدأ يومها، حينها قمت ببحث موسع عن موضوع "صفحات الصباح"، فوجدت أنّ التي ابتكرت هذا النوع هي الفنانة التشكيلية الأمريكية "جوليا كاميرون"ومؤلفة كتاب"The Artist way، حيث ذكرت من خلاله تجربة الالتزام بكتابة صفحات الصباح لمدة 90 يوماً بشكل متواصل، وشرحت أيضًا ما هي الأحاسيس التي ستنتاب الفرد خلال هذه الفترة، ففي الأسبوع "الفلاني" مثلاً قد يشعر بتفريغ الغضب، وفي أسبوع آخر سيجد أنّه لا جدوى من الأمر وهكذا.

ما هي صفحات الصباح؟

هي ثلاث صفحات ورقية بنموذج A4 مكتوبة بخط اليد، يتم التعبير فيها بأي لغةٍ عن أي أمر يخطر على البال، سواء كانت الأحاسيس أو المشاعر أو الضغوط النفسية، أو حتى المخاوف الشخصية، يتم مزاولتها بعد الاستيقاظ من النوم صباحاً، وإنّ لم يستطع الفرد؛ فبعد الظهر أو بعد العصر.

وتكون آلية الكتابة في صفحات الصباح كالآتي:

Ø     لا يُفضل ممارسة هذا النوع من الكتابة على الهاتف المحمول أو الحاسب الآلي؛ لأنّها شاشات وتحمل سموماً كهرومغناطيسية إذا ما تمّ استخدامها لفترة طويلة، وهذه الكتابة هي بمثابة تفريغ مساحة من الأمور العالقة في أذهاننا على الورق.

Ø     لا تستغرق سوى 20 دقيقة متواصلة.

Ø     لا يشترط تنسيق الخط أثناء الكتابة، ويُفضل أنّ يتم تخصيص سجل أو دفتر لذلك، ومن ثمّ إرساله لإعادة التدوير، حيث تنصح المؤلفة بعدم العودة لقراءة تلك الصفحات، ومن أراد ذلك؛ ينبغي عليه قراءتها بعد مرور 3 أشهر.

Ø     تُفرّق المؤلفة بين الكتابة في وقت المساء وفي الصباح، فالكتابة في المساء هي بمثابة مراجعة لليوم، أما الصباح فهو تفريغ للطاقة السلبية؛ وذلك حتى تتمكني من الاستعداد وبدء اليوم بروح وطاقة عالية.




فوائد صفحات الصباح من وجهة نظر جوليا كاميرون:

ü   تساعدنا على أنّ نكون مبدعين أكثر في حياتنا، فتجلب الإلهام والابتكار.

ü   كل أسبوع مع صفحات الصباح؛ سيحمل هدايا جديدة، لذا ستكونين مستعدة للتغييرات التي تطرأ على حياتك، وفي بعض الأحيان قد تنتابك مشاعر غضب، وهنا الغضب أمرٌ إيجابي؛ لأنّه سيصبح محركًا لاتخاذ قرارات أفضل تُحسّن من مستوى حياتك.

ü  تساعد على قضاء الصوت الداخلي السيء، الذي يكون كالأسطوانة المشروخة المتكررة في عقولنا.

ü  تخفف الصراع النفسي؛ فيُصبح الفرد مستعدًا لأي تغيير مفاجئ يحدث في يومه برحابة أكبر.

ü   إيجاد حلول جديدة لمشاكل قديمة.

ü  تخفف من حدة النزاعات الداخلية، حيث تتيح كتابة كل الجوانب والأصوات الداخلية المتضاربة داخل العقل، ومن دون أنّ يطغى أحدها على الآخر، ما يُساعد على ظهور حلول إبداعية.

 

ومن تجربة المدربة «نوف حكيم»، برزت الفوائد الآتية أيضاً:

ü   كتابة صفحات الصباح تسمح لكِ بإثبات آلامك والتعبير عن الأسئلة الوجودية التي تراودك، والتي قد لا تجرؤين على البوح بها للآخرين، كما تساعد على استحضار المرشد الداخلي للفرد.

ü    تخلق الحميمية واللطف مع الذات، وتزيد من مستوى احترام واستحقاق الفرد لذاته.

ü   تتيح لنا التعبير عن مشاعرنا تجاه الأشخاص والمواقف، ما يُساعد بشكل أو بآخر على مواجهة المشكلة وحلها.

ü    صفحات الصباح وسيلة للتواصل مع الكون والإله وسرد الدعوات والأمنيات.

ü    تحررنا من العادات السلبية الصغيرة التي ننوي تركها، وتحررنا أيضًا من المخاوف المصيرية في حياتنا، سواءً على المستوى المهني، العلاقات، أو حتى بلد الإقامة.

ü    يُصبح الشخص إيجابيًا ولطيفًا في علاقاته، ويختلف مستوى تفكيره، فيتجه نحو الحلول.

ü    أخيرًا، بعد كتابة صفحات الصباح، اتركي فرصة لذاتك باتخاذ الخطوات التي أيقنتِ بوجوبها، وكانت صفحات الصباح إحدى الأدوات التي ساهمت في التوكيد الداخلي بأهمية تلك الخطوات، وفي بعض الأحيان قد تُرشدك لتجربة جوانب جديدة من حياتك؛ كنتِ لا تُلقين بالًا لها.

 

تعليقات

إرسال تعليق